عاطف الريس مدير المنتدى
عدد المساهمات : 81 تاريخ التسجيل : 19/07/2010 العمر : 51 الموقع : weegy.yoo7.com
| موضوع: هل فعلا لا نستطيع أن نتغير الأحد 25 يوليو 2010, 00:49 | |
| هل فعلا لا نستطيع أن نتغير؟
إرادة التغيير
*"ياخي الزول ده استفزاني عديل كده!!"
*" أنا اصلي كده من يومي ماتقول لي اتغير وما تتغير إنت قايل التصرفات دي (زي التلفيزيون بتتتغير بالريموت!!)"
*"واحد ثقيل حرق دمنا بدون فايده !!!"
كثيرة هي العبارات التي نسمعها بهذا الشكل في حياتنا اليومية في العمل , في البيت, وحتى في الشارع والمواصلات العامة .
فالكثيرون منا قد رسخ في أذهانهم أننا "كده" لا يمكن ان نتغير ولا أن نتطور لان تصرفاتنا عبارة عن صفات –كما نعتقد- مزروعة في جيناتنا لا يمكن تحويلها او تبديلها!!.
ولكن ألا تتفق معي أن الإنسان إذا كان ( كده) لا يتعلم ولا يتغير ولا يتطور لما كان هنالك معنى للشرائع والقوانين والفلسفات ولا حتي لتجارب الإنسان الشخصية فهو أولاً وأخيراً يستمر حاله(كده) ولن يتغير ! وهذا ما يوضح لك أن السؤال الذي يجب ان يطرح ليس: لماذا لا نتغير؟ ولكن لماذا لا نريد أن نتغير؟
بين الفعل ورد الفعل
بالبرغم من أن معظمنا يعرف المسافة الكبيرة بين الفعل ورد الفعل المقابل أو(بين المؤثر والفعل) وهو تأثيرنا الشخصي على فعل الرد المقابل للمؤثر- ويمكن إثبات ذلك بان تصرفاتك قد تتباين بالنسبة لمؤثر معين باختلاف وضعك الشخصي من مزاج إلي صحة إلى توفر وقت ....إلخ - فنحن لا نقوم بمحاولة استغلال هذه المسافة لمصلحتنا الشخصية أو في الغالب لا نعرف كيف نستغلها لنجعل حياتنا أفضل.
فإذا أخذنا الغضب كمثال فحين لا يتوفر لك الزمن لمشاجره مع الكمساري بسبب الباقي أو لأنه أنزالك بعيداً عن محطتك فأنت في الغالب تكبت غضبك في صدرك وتذهب، وهذا – بطبيعة الحال - لا يعني أنك لم تغضب بل بالعكس أحيانا كبت الغضب قد يحول يومك إلى ضيق مستمر ويجعلك تتمني طوال اليوم لو أنك كنت تمتلك وقتا لتفرغ فيه غضبك علي ذلك الكمساري .
فالهدف المنشود في هذه الحالات هو إلا نغضب أصلا!! وهذا كان ومازال فهمي لحديث "لا تغضب" والذي يعد تطبيقه صعباً وليس بالسهولة التي يظنها البعض. فمهارة "لا تغضب" ومهارة "القوي من يملك نفسه عند الغضب" الاختلاف بينهما اختلاف نوع ومقدار وليس مقدار فقط فالأولي أن تمنع نفسك من الغضب شعورا وتصرفاً- وهو الكمال في هذا الجانب- والثانية -وهي الأقل- أن تمنع التصرف الناتج عن الغضب.
قد يضحك البعض ويقول أني اطلب المستحيل- خصوصا مع المثل السابق عن الكمساري!- فالإنسان بطبيعته لا يستطيع أن يملك نفسه في مواقف كهذه، ولكني ولأزيد لك مقصدي وضوحاً أقول؛ ماذا لو غيرت فهمك لتصرف الكمساري السابق الذكر من أنه "ثقيل الظل و يقصد إيذائي" إلي فهم أخر وهو انه "لم يكن يستطيع أن يفعل خير من ذلك" كما لو أنه أشار للسائق ولم يره أو أن السائق لم يستطيع أن يقف نتيجة لتجمهر المارة أو السيارات أو غير ذلك، إلا يزيل هذا شعور الغضب لديك أو علي الأقل يقلله؟.
التصور أولاً
إذن فالمشكلة تكمن أصلا في تفسيرنا لمواقف الآخرين ، لتصوراتنا وفهمنا لطريقة التصرف تلك، المشكلة تكمن في عقولنا وليس في الموقف أو في طريقة التصرف نفسها.
فالمدير يتعامل مع موظفيه بحسب الطريقة التي يمليها عليه تصوره عنهم فان كان يراهم "مجموعة من الكسالى، لا يسعون إلي مصلحة العمل، لا يؤثر فيهم التشجيع المعنوي، فقط يسعون إلى المرتبات التي تصرف أخر الشهر!" فمن البديهي أن يعاملهم كذلك ، فتجده قاسي، كثير الشك وبالتالي كثير التفتيش والرقابة، ينظر للأخطاء و السلبيات ويكاد لا يرى الإيجابيات،لا يشاور موظفيه حتى في الأعمال المنوطة بهم، وقد يدفع في بعض الأحيان كماً ضخما من المكافئات المادية - وهو فهم مادي سخيف آخر!- ولكن لا يكلف نفسه كلمات الشكر والثناء أو حتى الاستحسان ناهيك عن التشجيع بطبيعة الحال. في حين انه لو فكر أن هذا الموظف حريص علي مصلحة العمل مثله تماما ولكنه يحتاج إلي بعض التشجيع والتقدير علي ما يفعل لحصل على نتائج قوية ووفر الكثير من الوقت والجهد وحتى المال.
وفي البيت مثال اخر فالأصل أن نجد غياب روح الحوار والالفة والموده في البيوت ولا يكون سبب ذلك عدم القدرة على السلوك الحسن بقدر ما هو عدم اقتناع بجدوى ذلك. فالأب – مثلا- لا يؤمن بجدوى الحوار و التواصل بينه و بين أبنائه بل قناعته تنصب على سد حاجاتهم المادية من ملبس وماكل ومسكن وما يدلك على ذلك خيرٌ من قول الكثيرين (اصلهم دايرين شنو ما ماكلين شاربين، ومتعلمين كمان؟!). كما إن الزوجة قد تجد نفس طريقة التعامل نتيجة لنفس القناعات فما تفعله هي في البيت هو الواجب وهو بالطبع ياتي بالاموال للمعيشة في المقابل! فلماذا ضياع الأوقات في الحوار والنقاش ومحاولات التواصل؟ ولا يعلم هذا المسكين ان تغير معتقداته تلك التي يظن أنها الطريق السوي للبيوت سيعود أولا وأخيرا عليه هو بثمرات سعادة والتي كثيراً ما يسأل عنها من يملك كل شئ –مادياً– ولا يجدها.
تكون التصورات:
أما ما يقوم بزرع تلك الأفكار والمفاهيم في عقولنا - أو يقوم ببرمجتنا كما يحلو لي ان أقول - فهو واقعنا وما يحيط بنا من عالم. فأسرتنا الصغيرة من أب وأم وأخوه هي من تقوم في الاصل بزراعة كثير من المفاهيم داخلنا. فبداية تكوين مفاهيمي وتصوراتي عن نفسي وعمن حولي و التي تبدأ مبكراً جداً يحتمل قبل إكمال الإنسان لعامه الأول. ثم يأتي بعد ذلك دور المجتمع وروافده المختلفة من مدرسة وزملاء وحتى الشارع نفسه كل ذلك يقوم بأدوار فعالة لا نشعر بها في تغيير مفاهيمنا وتصوراتنا.
ولكي يفهم القارئ ما أقوله جيدا أريد أن اروي قصة عن احد المدربين – إبراهيم الفقي (أساليب السيطرة علي الذات) - يذكر فيها انه في طريقه الي احد المحاضرات في كندا اصابه العطش فوقف امام احد ماكينات المياه المعدنية - حيث توضع النقود من فتحة مخصصة لذلك ثم تنتظر قليلا لحين نزول الزجاجة من فتحة اخري في الماكينة- فوجد احد الاطفال في عمر الثانية عشر تقريبا يضع قطعة معدنية في الالة ثم يقوم بركلها مرتين قبل ان تنزل الزجاجة منها فناداه وسأله عما فعل فقال الطفل: هي لاتعمل الا بهذه الطريقة! فلم يكن من المدرب الا ان ادخل قطعة معدنية في الآلة وانتظر قليلا فخرجت الزجاجة امام ذهول الطفل الواقف والذي قال "الغريب أن تحصل علي الزجاجة دون ركل فأبي دائما يركلها قبل ان ياخذ لزجاجة!!". فإذا كان هذا شئ مادي يراه الناس فيك ويمكنهم ان يساعدوك في التخلص منه فما بالك بما تمت زراعته فيك ولا يراه احد غيرك من مشاعر ومفاهيم وافكار وتصورات؟!
نحو مستقبل أفضل
فلكي نصل إلي تغير حقيقي في السلوك والتصرفات يبدا من الداخل ليؤثر- بطبيعة الحال- علي خارجنا وبالتالي على حياتنا كلها لابد أن نقوم بتغيير تصوراتنا وأفكارنا عن أنفسنا أولاً ثم عن ما حولنا ثانياً. وقد لا يكن هذا هو الطريق الاسرع والاسهل للتغير ولكنه- وبكل تأكيد- الطريق الأسلم والأكفأ والأكثر ديمومة. | |
|